لن تستطيعوا قتلي فسلاحكم لا يخيفني و لن تستطيعوا إسكاتي فلساني لا يطيعني كم توسلت إليه بالصمت عن الكلام و الكف عن الهذيان فراح يلمزني يا أحمق يا جبان قلت له ألست في فمي حبيسا ؟ و لي عليك الطاعة يا رخيصا فردّ عليّ قائلا إنّي أراك قد هنت و كدت ترضخ إلى نفسك التعيسة فإذا أردت الانبطاح و العدول عن الصراخ و النباح فاعلم أنني باقٍ ها هنا فقلت له يا لعين هلاّ غنّيتَ أغنية الوئام و ملأتَ جيوبنا دراهم و إكرام و إني كتبت لك مديحا فاصدع به تنل منزلة و ربحا يا صاجبي ردّد معي الرئيس لا يكذب و الوزير لا يختلس و الوالي عادل و الشرطي نزيه و المعارض إرهابي متهور و النقابي عميل خائن و البرلماني حكيم صارم و الشعب أمّيّ ساذج و الجمركي أمين ورع و المواطن سفيه سارق و العدالة مستقلة و المستشفى نظيف فارغ و اللحم رخيص طازج و الأمان عمَّ و السلام طمَّ و الوئام لمَّ فردّ عليّ قائلا إني أراك قد هنت و كدت ترضخ إلى نفسك التعيسة فإذا أردت الإنبطاح و العدول عن الصراخ و النباح فاعلم أنني باقٍ ها هنا ما دامت نظرة ذلك الطفل المسكين تعيش في ذاكرتي ذلك الطفل الذي وجد عند عودته من المدرسة أهله قد ذُبِحوا... ما دامت الأم في بلدي تبحث عن اسم إبنها الحبيب في قوائم المفقودين ما دامت الحسناء تنتظر عودة الحبيب الذي خرج و لم يعد ما دامت أشجار الزيتون حزينة في كل الفصول و الأزهار ممنوعة من دخول البساتين و الماء العذب ممنوع من دخول بيوت الفلاحين و آبار البترول ممنوعة من دخول جيوب المحرومين سوف أبقى هنا ما دام الجرم في بلدي مادة في القانون و ما دام الأوغاد الذين رموا أبناء بلدتي في غيابات الصحاري و السجون لا يزالون يحكمون و يتنعّمون سوف أبقى هنا كالمجنون أصرخ في وجه العالم حقيقة كل خائن ملعون إني أراك قد هنت و كدتَ ترضخ إلى نفسك التعيسة فإذا أرت الانبطاح و العدول عن الصراخ و النباحفاعلم أنني باقٍ ها هنا ...فارفع رايتك البيضاء إن أردت