منذ أول ألبوم لأنتيك سنة 1995 إلى خامس ألبوم لرفيق قانجا سنة 2015 ، مرت 20 سنة على الراب الجزائري شهدنا خلالها صدور مئات المشاريع المتباينة النوعية و الصدى ، غزيرة في عشريتها الأولى (95-05) و شحيحة في عشريتها الثانية (05-15) ، منها ما غزا الأسواق بمئات الآلاف من الأشرطة و تعدّى ضفة المتوسّط و الحدود (الشرقية) ، و منها ما كان أقل حظا و اندثر تحت وطأة الرقابة من جهة ، و احتيال الناشرين الجشعين من جهة أخرى ضُعف هياكل الصناعة الموسيقية و اختلاف طبيعة الجمهور المستَهدف ، كان لهما الدور البارز في تحديد استمرارية أغلب الفرق من عدمها ، ما انعكس على طبيعة الإصدارات كميا و نوعيا ، لكن هذا لم يمنع من بروز حفنة من المشاريع القيمة و الكلاسيكية التي أثّرت بطريقة أو بأخرى على مسار الراب الجزائري ، و تبوّأت مكانة خاصة في قلوب المتابعين ، متحدية "موت السوق" و "غياب أرضية بيع افتراضية" و باقي العثرات و المشاكل . إليكم إذًا ، بمناسبة العشرينية الأولى للراب الجزائري ، قائمة لأهم عشر ألبومات مؤثرة في الراب ديزاد ، على موقع راب جينيوس قبل ذلك ، ندعوكم إلى إلقاء نظرة على صفحة "ألبومات الراب الجزائري" ، أين أحصينا فيها تقريبا كل الإصدارات القديمة و الجديدة (ألبوم ، ميكستايب ، كومبيل) ، مع قاعدة بيانات لأهم المعلومات المتعلقة بكل إصدار : الغلاف ، السنة ، القائمة ، الكلمات... 10. Lotfi Double Kanon – La Kamora 2 (2000) L'album qui aurait vulgarisé le rap Dz في الحقيقة ، لطفي لم ينتظر طويلا ليظفر بلقب "الرابر الأكثر إنتاجية" في الراب الجزائري ، ففي سنة 2000 ، كان قد حطم الرقم بخمس ألبومات كاملة في حوزته ، ثلاثة منها رفقة وهاب ، إضافة إلى ألبومين فرديين : لاكامورا 1 و لاكامورا 2 الحديث عن ظاهرة "تعميم الراب" أي إيصاله إلى طبقة جماهيرية واسعة تتعدّى جمهوره الأول ، يقودنا لأول وهلة إلى ثلاثية دوبل كانون و ثنائية الميم با سين ، فأولاد لاكولون كان لهم خطاب متنوع و متوازن في نفس الوقت ، عندما يميل لطفي إلى مجاله المُحبب (بنات بلادي ، دور بيها ، نحير) كان وهاب أكثر جدية (مانيش فو ، بلانتي موني ، هوليغان) ، مما خلق نوعا من التكامل بين الخطابين ، و جذب متتبعين فضوليين أكبر . في حين ، أولاد حسين داي نجحوا في الانتشار سريعا بفضل الأغنيتين البارزتين في ألبوميهما الأولين : أولاد البهجة و العوامة ، اللتان لقيتا صدًى أكثر من باقي الأغاني المقدّمة بالفرنسية . هذه الألبومات الخمس ساهمت في تعميم الراب أو بالأحرى التعريف به ، لكن ما لا يجب نسيانه أن الراب كان لا يزال حديثا ، و بالتالي نسبة كبيرة من جمهوره هو من المكتشفين و المتطفلين ، هنا يكمن دور "لاكامورا 2" الذي جاء بعد سنوات قليلة لكن كافية من استقرار الراب و تعدّيه مرحلة الفن الدخيل ، حيث نجح لطفي في الحفاظ على نفس القاعدة الجماهيرية التي اكتسبها مع دوبل كانون ، بل و تنميتها مع مرور السنوات (عكس ما حدث مع رابح و الميم با سين) ، و ذلك عن طريق وصفة تستهدف شرائح مختلفة ، فكل مستمع يمكن أن يجد ضالته في هذا الألبوم (و باقي الألبومات القادمة) ، من الراب المتمرد السياسي (لاكامورا 2 ، هلكوا لبلاد ، والو) ، إلى الراب السردي (راتيساج ، ما تجي غير فيك) ، فالإيقوتريبي (لوطفريستايل) ، و خاصة الخفيف المسلي (بوراكة) ، دون نسيان الولاء للجنس اللطيف (أنتي)...هذه الوصفة (المُقلّدة بكثرة) و المُكرّرة سنويا ، جعلت لطفي اليوم الرابر الأشهر في الموسيقى الجزائرية ناهيك عن الصدى و الرواج الكبيرين لـ لاكامورا 2 (أكثر من 100.000 نسخة) ، فإن هذا الألبوم الصادر عند دار دنيا (العاصمة) و الذي سجل بداية التعاون الطويل معها ، تزامن مع إنشاء استوديو "لوطفريستايل" ، حيث سمح للطفي باكتساب حرية عمل أكبر خاصة من الجانب الموسيقى ، رغم ذلك الصومبلينغ في هذا الألبوم كان بدائيا و غير إبداعي ، أمور تقنية يمكن أن نتفهمها لغياب البيتمايكرز المختصين/الوسائل في تلك الفترة ، لكن مع مرور الوقت ، يتضح لنا جليا أن البحث الموسيقي لم يكن يوما نقطة مهمة في مسار لطفي ، الذي اختبأ وراء ستار "الرسالة" لسد هذا العجز . طبعا عندما تصدر ألبوم/السنة و بمعدل أقل من 10 أغاني/الألبوم ، فلا يمكن في النهاية تقديم منتوج متكامل و جدي ، ذو مقاييس عالمية محترمة مقارنة بألبومات الرابرز القدماء و حتى الجدد (بدءًا بالعمل الفني على الغلاف...) ، إضافة إلى الوقوع في فخ التناقض عند تحليل بعض الأمور السياسية التي تتطلّب غالبا التريّث و إعطاءها المزيد من الوقت قبل الغوص فيها . رغم هذا ، لا كامورا 2 يبقى أحد أهم الألبومات المميزة في مسيرة لطفي و أثره ملموس في تاريخ الراب الجزائري : مختارات Lakamora 2 Li helkou had lebled Welou 09. Lax – Feat F Trigue (2014) Quand le rap Dz s'unit en autoprod sous la bannière LAX... كومبيل ؟ ألبوم شارع ؟ ألبوم ؟ نظرا للكم الهائل من التعاونات الميكروفونية و الموسيقية ، سوف نتعدّى إشكالية طبيعة هذا المشروع و سنُدرجه تحت خانة الألبومات حتى نستطيع تصنيفه في هذا الموضوع ، في النهاية هناك محرك رئيسي هو فرقة "لاكس" المُنسِّقة و الحاضرة جماعيا أو فرديا في كل وصلة ، كما أن طريقة الإنتاج/التسويق سبّاقة و مبتكرة في الراب الجزائري إلى غاية وقت قريب ، كان مفهوم "الإنتاج الذاتي" و "الراب المستقل" يتوقف على امتلاك استوديو منزلي و معرفة تقنيين فنيين تُوكَل إليهم أمور التصوير و الغرافيزم ، ثم تُرمى الكرة في ملعب الناشر ليتكفّل بالتوزيع ، أو بالأحرى بدفن المنتوج في أغلب الأحيان إذا كان لا يحمل وصفة لطفي و الجمهور المستهدف هو جمهور مختص/ضيق ، الرابر هنا لا يمكن لومه لأنه يقدّم كل ما لديه و يستثمر الكثير من وقته و ماله في التسجيل ، و أمور التسويق تتعدّاه و تنهكه أكثر. في الحقيقة ، الإنتاج الذاتي يتطلّب متابعة المغامرة ، و ضمان إيصال المنتوج إلى المتتبعين لن يكون إلا إذا سهر عليه الرابر بنفسه (للأسف) خصوصا في ظل ضعف/إنعدام أغلب هياكل الصناعة الموسيقية في الجزائر . مشروع "فيت في الطريق" برهن لنا عن إمكانية نجاح (إلى حد ما) هذه الإستراتيجية ، و لادجا و فريقه كسبوا الرهان في توزيع بضعة آلاف من الألبوم ، و استثمروا في الأقمصة و الأغلفة . كل ألبوم مآله التسويق الميداني و كما يقال : "ألبوم بدون ترويج هو كالسيارة بدون مقود" ، البليديان ثاقز فهموا جيدا العفسة ، و ميكستايب "النبتون" لقيت حظها من الاستجابة بِغض النظر عن مستواها الفني أهمية "فيت في الطريق" لا تكمن فقط في طريقة تسويقه ، بل قبل ذلك هناك نقطتان أساسيتان جعلتا منه ألبومًا يستحق كل هذا العناء و التضحية : مفهوم الوحدة ، و الاحترافية في العمل. أكيد أن لم شمل 28 رابر في مشروع واحد يُعد تحدّيا كبيرا في حد ذاته ، و أغلبية المدعويين من طينة المُحترمين (اكزينوس ، طوكس ، زعاف ، لازونكا ، زاكس ، لانفكت ، أفريكا جنغل) ، كما أن حضور العنصر النسوي (الملكة سارة) في وصلتين أنسانا ميزوجينية الراب السائدة . المواضيع كانت متنوعة رغم طغيان الإيغوتريب ، في حين الأمور التقنية لم تُهمل و أسندت إلى مجموعة من المحترفين ، يتقدّمهم المبدع سنايك (قريب أزباك) صاحب نصف الإنتاجات الموسيقية ، دون أن ننسى إيزي-اف عميد البيتماكرز الجزائريين ، و الديجي اسكا و بادي رجلا الخفاء . في هذا الألبوم ، طريق الراب الجزائري تم تزفيتها بعناية و إتقان ، في انتظار أن نشهد أعمال تعبيد أخرى بنفس المستوى ، أو أفضل لما لا : حول هذا الألبوم ـ تحدث إلينا رضا (لادجا) أحد أعضاء لاكس و قال الهدف من هذا الألبوم كان جمع أكبر عدد من التعاونات ، خاصة من مناطق مختلفة ، و إصداره في السوق مع بيع أقمصة خاصة بالحدث ، و تصوير فيديو كليب على الأٌقل ، و ذلك حتى نضمن ترويجا جيدا للمنتوج إضافة إلى مشاركتنا في حصص إذاعية و تلفزيونية . كل هذا تم تحقيقه عن طريق الإنتاج الذاتي ، بمشاركة 15 فنانا و فرقة ، 5 بيتمايكرز و ديجي واحد (ديحي اس-كا) ، في النهاية تحصلنا على 21 وصلة مع الانترو و الاوترو ، فاصل فردي و أغنيتان باِسم "لاكس" و البقية كله تعاونات إذا أردنا الحديث عن الإصدار في السوق و ما تلاه ، أولا عملية الترويج كانت في القمة : الأقمصة ، الفريستايلات ، الحصص الإذاعية و التلفزيونية ، كل هذا كان منظما بطريقة محكمة و لم نلقَ صعوبات كبيرة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي و وسائلنا الخاصة. لكن في ما يخص صناعة الأقراص ، الأغلفة و الطوابع ، هنا صادفتنا بعض العراقيل لأننا لا نملك خبرة كافية في هذا المجال ، كما أنه كان علينا امتلاك سجل تجاري ، لكن رغم ذلك نجحنا في نسخ الألبومات عن طريق ناشر ساعدنا في ما بعد في عملية التوزيع ، جهّزنا 5.000 قرص و تكفلنا بـ 3.000 ، ثم بدأنا التسويق رفقة الفريق و زرنا أغلب مدن الغرب ، هناك التقينا بالمعجبين الذين استقبلونا في كل مدينة و سهلوا علينا أمور التنقل ، في النهاية بعنا كل الكمية و احتفظتُ لنفسي بحوالي 100 لأهديها في وقت لاحق. بالنسبة للألفين نسخة الأخرى ، " فيركلام" هو من تولّى عملية تسويقها في شرق البلاد و غربها ، و لا تزال لديه لحد اليوم (جوان 2016) 400 نسخة لم أتمكن من استرجاعها من الأمور الإيجابية في "فيت في الطريق" ، أننا تعلمنا العديد من الأشياء فيما يخص عملية الإنتاج و التسويق ، و من الأمور السلبية هذا المشروع لم ينل حقه رغم كل ما بذلناه ، ليس من جانب الجمهور بل من جانب الفنانين الذين شاركوا فيه ، كنا ننتظر منهم أكثر ... أغلبهم لم يكن مسرورا ، هل هي الأنانية أم الغيرة ؟ لم نجد تفسيرا آخر لأننا احترمنا الجميع ، لكن في النهاية هذه الأمور تحدث في الحياة تنويه : هذا المشروع هو نتاج تعاون أزباك ، لادجا و كادر ، كل منهم ساهم على طريقته في إتمامه و إيصاله إلى المتتبعين ، : مختارات Eldorado (Ladja-Xenos/Easy-F) Feat F Trigue (Lax-La Zone K/Dr. Snake) La guerre du rap remix (Lax/Easy-F) 08. Sofiane Hamma - Rahoum Djaou (2008) Le Rap Gnawi : plus d'authenticité au rap Dz منذ التسعينات ، تميز الراب الجزائري بمحاولات "دمج" عديدة ، سواء مع الراي في الشرق و الغرب ، أو مع الشعبي في الوسط ، هذه المحاولات نجحت في خلق تيارات موسيقية ثانوية كما الحال في أمريكا مثلا (راب/جازي ، راب/روك...) ، فالفِرق العاصمية كانت السباقة و الرائدة بإنتاجات و عينات أحيت التراث الشعبي (حكمت عالشعبي، لحمام ، خليني..) ، و ساهمت في عصرنته من جهة أخرى ، كما أن الملحون لقي نصيبه من الاهتمام في وهران ، إلا أن المشاريع الفردية هي التي جسّدت الفكرة أكثر ، و لعل أبرزها كان ألبومات فيكا و يوس التي اقترنت مع الطابع الغربي الراقا ، و المشروع الذروة كان ألبوم "راهم جاو" لسفيان ، أول محاولة فردية حقيقية لدمج الطابع المحلي القناوي ، إضافة إلى الشعبي ، الكل بنكهة تقليدية هذا المشروع الفردي من وليد الحامة كان وراءه مجموعة 88 برود ، كوكبة من الموسيقيين يتقدمهم مصطفى مكركب الذي سبق و أن اشتغل مع أنتيك في ألبومهم الأول سنة 1995 ، إضافة إلى الحلقة الأساسية الأخرى حفيظ بانية ، وجه القناوي الذي تعاون في إنجاز ثلث الألبوم . فإلى جانب إيقاعات القمبري و القرقابو التقليدية التي قارعت أصوات طقم الطبول ، حفيظ قدم الإضافة اللازمة بأداءٍ غنائي راقي و متقن (يا شفيع يا عالي) ، جعل سفيان يركز براحة على وصلاته القناوية ، هذا الأخير الذي أكد في بعض المواضع الأخرى (الميمة) عن إمكانات صوتية محترمة محت هاجس الرتابة الذي يمكن أن يسقط فيه رابر غير تقني مثل سفيان ، و أغنية "الكافي" مع الأيقونة ريدزو أزالت الشكوك و أبرزت انسجاما و توافقا مميزًا في الفلو بين العميدين. موضوعاتيا ، سفيان تخلص من هاجس الحرب الأهلية الذي طغى عليه في الألبومات السابقة للحامة ، و قدم موضوعات مختلفة بين النوسطالجيا في "لميمة" و "الذكريات" ، تحليل للمجتمع الاستهلاكي في "ذراع علينا" مع الماموث و الزاد ، و جولة بين قضبان السجون في رائعة "الغدارة" مع توفيق عزيبي ، بينما أغاني القناوي الثلاثة دارت تقريبا حول نفس النقطة (النصائح/ابتهالات) ، لكن اختلاف طريقة تعاطيها أنجاها من النسخ و التكرار ألبوم "راهم جاو" قصير نسبيا ، بعشر وصلات فقط ، لكن رغم هذا فهو واحد من الألبومات المهمة في الراب الجزائري ، لأنه حجرة أساس رئيسية في دمج الراب بأحد الطبوع التقليدية الصحراوية (القناوي) . لكن اليوم و بعد 8 سنوات من صدوره ، هل يمكن الحديث فعلا عن تيار اسمه الراب القناوي ؟ المحاولات التي تلت كانت محتشمة و قليلة (المجهول) و لم تلق اهتماما ملموسا لا من الرابرز و لا من البيتمايكرز الشباب الذين يبتعدون في الغالب عن كل ما هو محلي . الراب القناوي حاله ليس أفضل من الراب الشعبي (فريد دياز لا يزال يحمل المشعل) ، إلا أن تجارب الماضي أكدت عن إمكانية اقتران الراب بطبوع محلية ، خصوصا و أن الإرث الموسيقي الجزائري ثري و متنوع ، مقارنة بنظيره الفرنسي المحدود مثلا : حول ألبومه " راهم جاو" ، تحدث إلينا سفيان و قدم لنا هذا التصريح هذا الألبوم كان غنيا بالتجارب الإنسانية لأنني تعاملت مع عدة فنانين من طبوع مختلفة : حفيظ بانية في القناوة ، توفيق عزيبي في الشعبي ، ماموث / زاد و ريدزو أنتيك أحد أقدم الرابرز الجزائريين ، مصطفى مكركب أول بيتماكير ، و أمين مدني في الميكس كل هذا الفريق بذل ما بوسعه لتقديم ألبوم ذو نوعية ، ثم أنني فخور بإنجازه بهذه الطريقة لأنه ألبوم أصيل بأفكار جديدة في الراب بصفة عامة بالنسبة للصدى و الأثر ، للأسف "راهم جاو" لم يلقَ حقه من التقدير ، ربما كان ذلك مقصودا نوعا ما لأنني من الفنانين الذين لا يسعون إلى الظهور كثيرا ، و لا أشغل رأسي بمشاكل الترويج ، ألبوماتي بالنسبة إلي هي من نوع "الكولكتور" بعيدا عن ألبومات الساحة الرائجة. : مختارات Ya chafi ya aafi (ft. Hafid Bania) EL mima Ghedera (ft. Tawfik Azibi) 07- La Zone-K – Djrouh Bla Dmou3 (2010) Il était une fois les trois Soldats à l'Est…Sud عادةً يجتمع أبناء حي واحد و يُكونون فرقة ما ، يُصدرون بضعة مشاريع ثم ينفصلون ، أو يكمل أحدهم مسيرة فردية . مع لازونكا سنروي القصة عكسيا : ثلاث فنانين (بيغي-جي ، سيستيمان ، كارلوس) من مدن مختلفة (قسنطينة ، البرج ، بسكرة) ، ولجوا الراب مع أواخر التسعينات / مطلع الألفين ، و نشطوا منفصلين كلٌّ على طريقته و مع أصدقاءه : في قسنطينة مغامرة البيغ كانت مع فرقة "رابـاس" ثم "لامـورسـير" رفقة فوضى والوزن الآخر بوس-ال ، كارلوس جرّب الراقا ثم اتجه نحو الراب ، في حين سيستيمان سجل بداياته مع صاحب اللكمة سبوك . بعد سلسلة من التجارب الفردية العديدة ، جمعتهم الصدف أخيرا و ووحّدتهم اهتماماتهم الفنية المشتركة ، و قرروا سنة 2007 تجسيد خبراتهم في ألبوم أول ، تحت راية واحدة : لازونكا قد يكون مشروع المعاهدة بين النايلكلان و الطوكس هو الذي أعطى ذلك الدافع القوي و شجّع الـكثير من الـرابرز على ضـرورة الخروج من قـوقعاتـهم و أهمية الاحتكاك فيما بينهم متحدّيين تباعد المسافات (شكرا للإنترنت) ، و لعل "جروح بلا دموع" هو النسخة المحلية الأقرب التي جسدت فكرة معاهدة وهران/دانكرك ، و نصّبت من خلالها ثلاثة مدن متباعدة على خريطة أهم معاقل الراب الجزائري جـنود الزنقة "البيغ - كارلوس - سيستيمان" ثلاثة أسماء محترمة في ساحة الانــدرجــراوند الشرقي/الجنوبي ، و اتحادهم قدّم متعة إضافية للمستمع ، ليس ميكروفونيا فقط ، لأن نسيم حمل على عاتقه مسؤولية الإنتاج الموسيقي الكامل لـ "جروح بلا دموع" ، بعد أن أثبت في العديد من المناسبات الماضية تحكمه في تقنيات الكلام إلى جانب تقنيات الصوت ، و تجربته المزدوجة مع ديجي سنايبر (هاك الصوت ، المملكة) جعلته واحدا من البيتمايكرز الواعدين في تلك الفترة ، و فعلا نسيم رفع التحدي بنجاح ملفت و قدّم في هذا الألبوم المشترك خلطة من الألحان المستلهمة من طوابع و تيارات مختلفة (ديرتي ساوت ، فلامنكو ، بوم باب ، سول...) ، و على طول 21 وصلة كاملة و منوعة ، جعلت من "جـروح بـلا دمـوع" أحد أكثف الألبومات في الراب الجزائري ، بعد أن كان المستمع معتادا على تذوق أشرطة "بو خفيف" لا تحمل أكثر من 10 وصلات فقط بدون إبداع موسيقي ملموس ...نقطة مهمة تجدر الإشارة إليها بخصوص نواة المشروع و محركه (سيستيمان) و هي أنه أحد فناني الراب القلائل في الجزائر الذين تمكنوا من التوفيق بنجاح نوعيا و كميا بين مهنتي البيتمايكينغ و الأمسينغ (إلى جانب الداي ماد و فادا فاكس في وقت ما) ، و حتى عالم التصوير و الفيديو خاض فيه ، و أعاد الاهتمام الغائب لعنصري "الرقص" و "الغرافيتي" في كليبات الراب الرائجة (دير التغيير ، قاع الناس) ما يعكس ثقافة موسيقية حقيقية تغدّت من جذور الهيب الهوب الأصلية ، قلّما نجدها عند بقية الرابرز من جيله . مسيرة السيستيمان أو "الرجل العصامي" تميزت بالتطور التدريجي و النضج الملموس منذ 2003 ، و صنعت لها مكانة مع إنشاء الدارك رود بروديكشنز ، و هي بذلك جديرة بالاقتداء ، سواء في تعدد اللمسات (كتابة ، موسيقى ، تصوير) ، أو في النشاط المتواصل في ميدان الهيب الهوب البرايجي (و الجزائري عامة) و الذي لا يقل أهمية عمّا يقوم به الأخوان بوربيع في عاصمة الغرب الوزنان الثقيلان الآخران البيغ و كارلوس سجلا حضورهما بلمسات مميزة انسجمت مع طبيعة كل لحن صممه سيستيمان ، و كانت لهما حصص فردية أثبتا من خلالها عن كامل جدارتهما ، سواء في صولدا ، هووو وااا ، شكون أنا ، بي بي ام 70 ...أو وقتاش أين بيغي-جي نوّع بدوره في طريقة الأداء متقمصا قبعة الراقامان بطريقة مذلهة. التكامل كان العنوان عندما يجتمع الثلاثة معا (ما زون 2 ، جروح بلا دموع ، صولدا في الكومبا) ، و حتى الاستضافات تم انتقاؤها بين المقربين و الأسماء الثقيلة ، فكانت النتيجة ألبوما كثيفا ، دون أن يحمل وصلات حشو زائدة ، على العكس فكل أغنية لها مكانتها و تستحق الاستماع المرهف ، حتى مقطعي الدخلة و الانسترومنتال ديرتي سول لم يُهملا كما هو الحال غالبا في باقي الألبومات احترافية في العمل ، تـنوع في الطبوع ، تـداخل التقنيات ، روح الهـيـب هـوب السائدة ، ثقل التعاونات ...كلها عوامل جعلت من المشروع الأول لثلاثي الزنقة كلاسيكا من كلاسيكات الراب الجزائري ، رغم أنه لم ينزل السوق و تم تقديمه مجانا لجمهور آخر غير جمهور غوانتانامو و كلامي و باقي الألبومات الرائجة في تلك القترة ..."في البـيع الـتوالى بصّح فـي الـسر رانـا في الريادة" يبقى شعار ولد الصحراء ، الزنقة و ممثلي الراب الجزائري الآخر : مختارات This Is Hip Hop Ma Zone II Djrou7 Bla Dmou3 06- Naili – L'empire des rêves (2011) De Djelfa à N.Y, le rap dz est dans la place مسيرة ابن الصحراء النضالية و الفنية تبقى فريدة في الراب الجزائري على عدة أصعدة ، و ألبومه الأخير "إمبراطورية الأحلام" هو حوصلة جامعة لكل ما قدّمه فرديا مع النايلكلان أو جماعيا مع فريق غزة ، محليا أو عالميا ، من الجلفة إلى نيويورك...من البندير إلى البِيت ففي الوقت الذي كانت فيه موضة الاحتراف مع نهاية التسعينات تخطف أبرز فرق الراب الجزائري إلى الخارج (الفرق الثلاثة العاصمية) ، ثم سرعان ما تحولت للكثير إلى مجرد غطاء لمغادرة الوطن ، كانت هناك موجة عكسية ضئيلة قادها أبناء المهاجرين ، بدافع الحنين و سعيا للعودة إلى أصل ضائع لم يجدوه في فرنسا ، و لعل أبرزهم "لانفكت" صاحب تاج المحتاج ، و "نايلي" ابن الصحراء و الجلفة ، هذا الأخير امتاز عن الجميع بوضع مساره الفني في خدمة نضاله الإنساني ، فزاوج بامتياز بين القول في غناءه و التطبيق في الميدان ، لتكون زيارته الأولى إلى غزة سنة 1997 أولى خطواته نحو الكفاح الفني ، فيعود إليها بعد سنوات و تنطلق مغامرته رسميا تحت شعار "غزة تيم" (مع نور ، محمد ، خالد) ، حاملا القضية الفلسطينية و الراب العربي/الجزائري بين الورشات الفنية العديدة و الجولات العالمية التي قادته إلى المغرب ، تونس ، بلجيكا ، اليمن ، فرنسا ، انجلترا...و طبعا الجزائر وطنه الام في سن الخامسة و الثلاثين إذَا أصدر نايلي ألبومه الثالث "إمبراطورية الأحلام" ، بعد أن ترسّبت في حقيبته الخبرات اللازمة لتستحيل إلى نضج فني و إنساني ، قلّما نجدهما عند أترابه الثلاثينيين الذين غلب على أكثرهم الركود و الرتابة ، بعد أن أصبح إرضاء الجمهور الواسع همهم الأول. هذا الألبوم تم تأخيره عدة مرات تخلّلتها مشاريع مهمة سواء "المعاهدة" مع الطوكس أو الجولات الفنية مع غزة تيم ، في النهاية ستة سنوات من الانتظار بعد "الشعب اليتيم" استحقت كل هذا العناء و التشويق ، فنحن أمام ألبوم ثقيل ، نال فيه البحث الموسيقي قسطا وافرا من الاهتمام ، رغم غياب التمويل اللازم إلا أن نايلي لم يتردّد في تنويع الطبوع و استضافة سلسلة من الموسيقيين المبدعين (سمير ، حسان ، جوجو ...) ساهموا في تلطيف الجو الموسيقي العام. النتيجة أكثر من خمس طبوع ممزوجة : جاز ، شرقي ، سول ، روك ، عروبي تكفّل الشيخ دياز ببرمجتها مرفوقا بالرجل الثالث في النايلكلان "ديجي مراد" على البلاتين. ثقل الضيوف زاد في وزن الألبوم ذهبا ، و أول مرة نشهد هذا الكم النوعي من تعاونات الرابرز الفرنسيين في ألبوم راب جزائري ، بدءا بالأسطورة "أكيناتون" الذي استقبل نايلي في الاستوديو العريق لاكوسكا رفقة النجم الآخر "مدين" من أجل تسجيل إحدى أفضل الأعمال "جمهورية الاحتقار" ، روسي كذلك الرابر المتفلسف تساءل في "هوية" عن مكانة إنسان اليوم في عالم يحترم المظاهر على ألحان طابعه المفضل (جاز) تتخلله عينة شهيرة لجاك بريل ، دون أن ننسى نجوم الإندرجراند "ام.ا.بي" و رفاق النضال "غزة تيم" ، و الضيفة المفاجأة سعاد ماسي ، التي لم نعتد سماعها كثيرا في عالم الراب ، و قد يكون نايلي من الاستثناءات القليلة (بعد عبد المليك) التي منحت الراوية له صوتها ، و رافقته باطمئنان في جولته التأملية "قوليلي يا الدنيا" مناشدين القضاء و المكتوب من زاوية إبداعية جديدة (أسلوب التجسيد) ذكرتنا بذكاء نايلي في التطرق إلى مثل هذه المواضيع ، و بعمق ريشته رغم بساطة تعابيرها ، فكونه فرانكو جزائريا لم يمنعه من تنقيح كتابته و التحرر من أسر الازدواجية اللغوية... النقطة المهمة الثالثة في ألبوم الإمبراطورية : ثقل المواضيع ، أو ربما الإبداع في طريقة طرحها ، فلا مجال لارتداء ثوب الضحية المتباكي و لا للمسكنة عند التطرق إلى مشاق الحياة و عسرها ، نايلي يستنطق "الدنيا" المجسدة في شخص الراوية عن مآسي هذا العالم رغم أنه يعرف الإجابة في كل مرة (مرة عليك و مرة عليا). بين "البارحة ، اليوم و الغد" ذكريات و تأملات يشاركها ابن الجلفة مع فادا فاكس و بانيس بثمانيات متعاقبة بلا لازمة تعاقب الأزمنة بلا توقف ، و كأن الرفاق الثلاث قد غمسوا ريشاتهم في حبر الأمريكي كومون و خطّوا بها أسطرا عذبة و شاعرية لا تخلو من الحنين و التطلع إلى الأفضل ، قلّما نجد مثيلاتها في الراب ديزاد . الأمل الغائب في أغنية "كان هنا" و موازاته مع الحبيب المفقود مثال آخر عن إبداع نايلي في طرح مواضيعه . "قلب متين" و "دموع ليلية" حتى العناوين (بالفرنسية) لم تختر عبثا. في النهاية نايلي نجح في الخروج بسلاسة من الروتين المألوف و تقديم خطاب متنوع و مبدع ، موضوعاتيا و موسيقيا قليلون من كانوا يثقون في نايلي، هذا الرابر المغترب المولود في دونكرك و ذو الأصول الجلفاوية ، خصوصا بعد ألبومه "الشعب اليتيم" ، إلا أن تطور ريشة الفنان و عطاءه المتواصل للهيب الهوب و القضية التي يؤمن بها ، جعلاه يقدم الأفضل في ألبوم كلاسيكي سيترسّخ إلى الأبد في قلوب متتبعي الراب الجزائري : مختارات Goulili Ya Denia feat. Souad Ma**i République Du Mepris feat. Akhenaton & Medine Hier, Aujourd'hui, Demain feat. T.O.X 05- Freekence - Etat d'urgence (2012) Le Mauvais Œil à l'algérienne porté par le Mobb Deep du 35 مع تشيسطا في ثوب بْرُوديغي و أوستيل في ثوب هافوك ، نجح ثنائي فريكونص البومرداسي في تقديم أحد الألبومات الأكثر واقعية و نجاعة في الراب الجزائري ، فنصوص "حالة طواريء" (2012) تجعلنا نعود بالذاكرة إلى بداية الألفية و نقاربه قسرا مع أحد الكلاسيكات العالمية و تحديدا الألبوم الوحيد لفرقة لوناتيك الفرنسية "العين الشريرة" (الذي يضم 14 وصلة أيضا) ، أين ياسين و بوبا المتناقضين المتكاملين رسما بريشة داكنة و جارحة أجواء المعيشة في ضواحي بُولونْيْ-بِييُونكور فوق ألحان معتّمة لجيريالدو و كريس ، على طريقة ثنائي الكوينز بريدج (موب ديب) في منتصف التسعينات . فرقة فريكونص أخذت من الفرقتين الفرنسية و الأمريكية ما يلائمها و أضفت عليه النكهة الجزائرية : من جهة هيكلة الثنائي المساعدة على الانسجام (رابر + رابر/بيتمايكر) ، و طابع الموسيقى الغامض ذو حلقات (البيانو غالبا) المتوسطة المدى و الطبول الثخينة ، من جهة أخرى صرامة الخطاب تارة ، و رزانته تارة أخرى ، دون مبالغة في الوصف أو اختلاق واقع خيالي و ماضٍ غير مُعاش ، ففرقة فريكونص ثَبَتَتْ في مبادئها و اكتسبت ميزة قلّما رأيناها عند الفرق الناشئة ، ألا و هي "مصداقية الشارع" ، حتى النضج الفني كان سريعا مقارنة مع ألبوم "الباب الأول" (2008) أو حتى مع ألبومات باقي الفرق البومرداسية على رأسها رياليتي ، حيث تم تهذيب طاقة المراهقة و توجيهها في موضوعات محددّة بعد أن كانت مشتتة ، خصوصا إلياس الذي غلبت على كتابته طريقة الدونكيشوت في التوظيف العشوائي للقوافي و تباين طول الأسطر ، مع الاعتماد على معاني قوية مستوحاة من الوسط الشعبي ، كما أن أوستيل بدا أكثر راحة في إنتاج ألحان متقاربة دون اللجوء إلى عينات باستثناء خاتمة الألبوم الرائعة (ماشي كل يوم العيد) أين اعتمد على نوتات مقتبسة من أوبرا كلاسيكية ، وضع عليها الثنائي أحد أفضل مقاطعه ، و ختم بها قبل الأوان مسيرة قصيرة في أوج عطاءها ، كما اخْتُتِمَت من قبل مسيرة لوناتيك دون سابق إنذار ...
ألبوم "حالة طواريء" هو ثاني ألبوم في هذه القائمة تم وضعه للتحميل المجاني (بعد جروح بلا دموع) ، و لو كانت الصناعة الموسيقية مزدهرة في الجزائر لحقّق نسبة مبيعات تضاهي ما حقّقه لوناتيك في وقت سابق ، و لكانت المقاربة كاملة بين الفرقتين ...و لربّما لم يضطر إبنا الـ 1200 إلى توقيف مسيرتهما الفنية غير المِعطاءة و التفكير في درب الحياة بعيدا عن الراب و أجواءه. عموما ثنائي الفريكونص خرج من الباب الواسع للراب كاسبا احترام الرابرز الكبار قبل الجمهور ، تحدٍّ لم تحقّقه سوى بعض الفرق القديمة بعد أربع سنوات من صدور حالة الطواريء ، إليكم تصريح حصري لكل من تشي و أوستيل ، تحدّثا فيه عن وقع هذا الألبوم و تأثيره في مسيرتهما : تصريح تشيسطا العنصر المحرّك في "حالة طواريء" هو الواقع المعاش ، لذلك الراب الذي قدمناه كان واقعيا. في هذا الألبوم قمت بتعاون بين فنانَيْن إثنين الجميع يعرف قصتهما : الدونكيشوت و فاكس . كما أنني أظهرت أنه لا مجال للجهوية ، و اشتغلنا بموسيقانا الخاصة بالنسبة للأهداف ، عندما أرى أن كل الرابرز الجزائريين أو بالأحرى الرابرز الكبار يحترمونني كعنصر حقيقي في الراب الجزائري ...أظن أن الهدف حققته...هذا الألبوم بقي راسخا عند الكثير من الرابرز (جوان 2016) : تصريح أوستيل أنا سوف أعود قليلا إلى الوراء ...البداية كانت مبكرة مع صديق الطفولة تشيسطا ، كلانا ننحدر من نفس الحي (1200) بمدينة بومرداس ، كنا مُعجبَين بالراب الفرنسي و الجزائري و قمنا بعدة تجارب و محاولات هاوية ، ثم فكرنا بجدية في إصدار ألبوم حقيقي لنا. الأمور لم تكن سهلة في تلك الفترة بسبب غياب الاستديوهات المختصة من أجل التسجيل ، فكنا نعتمد على وسائلنا التقليدية ، و تمكّنا من إصدار ألبومنا الأول سنة 2008 الذي لفت انتباه العديد من المعجبين ، خاصة أغنية "قلبي فوق الورقة" مع هيك4 و لوزا ، تلك الأغنية لها أثر شخصي و وزن كبير بالنسبة إلي لأنها من الأغاني الأولى التي سجلناها في ألبومنا ، ثم أنها لاقت رواجا محترما و احتلت المرتبة الأولى لمدة 07 أسابيع كاملة في حصة صاوند سيستام على القناة الإذاعية الثالثة ، و بقيت لأسابيع أخرى في المقدمة أمام أعمال كثيرة لـ أبرازاكس ، طوكس /ار.بي.وان ، بلاك هيرت...و غيرها بعد ذلك الألبوم الأول ، رأينا أنه بإمكاننا تقديم الأفضل ، خاصة بالنسبة إليّ كمنتج موسيقي ، فأنا كنت أميل إلى استخدام نوع مختلف قليلا من الألحان الرائجة في تلك الفترة ، كنت أحاول أن أعكس الواقع الحزين للأحياء الشعبية (مثل 1200) في موسيقى تغلب عليها نوتات حزينة / كئيبة و متمردة . التجربة الثانية تمثلت في ميكستايب شاركت فيها كرابر و بيتمايكر مع مجموعة " 35 كرو" ، أين جمعت كل الرابرز الناشطين في مدينة بومرداس ...تجربة جيدة لي لأنها ساعدتني على اكتشاف العديد من الرابرز لأول مرة و الاحتكاك بهم . هذه الميسكتايب أعطتنا أنا و إلياس دفعا قويا للاستثمار أكثر في الميدان و إنشاء استوديو نعمل فيه على ألبومنا الثاني "حالة طواريء" بكل راحة. تمكنا من توفير كل الوسائل الخاصة بأنفسنا من أجل تحقيق كل ما كنا نطمح إليه سواء على المستوى الفني أو التقني. في النهاية استغرق منا الأمر حوالي سنتين من أجل إتمام "حالة طواريء" و سجلنا أكثر من 50 أغنية اخترنا منها بعد ذلك الأغاني الأقرب إلى الموضوع العام للألبوم تجربة "حالة طواريء" كانت جد رائعة ، بالنسبة إلي كمنتج موسيقي لأنني تحررت من العديد من القيود و جرّبت كل الأشياء التي كنت أود تجريبها من قبل خصوصا و أنني كنت متفرغا و أملك الوقت الكافي لذلك. طبعا تشيسطا أيضا كان "عايش" في الاستوديو مثلي و عمل براحة معي. دون أن ننسى أننا تعاونا مع رابرز كثيرين نحبهم و نحترمهم مثل الميم.با.سين ، كابس ، دياز ، موح 4.4 ... الفترة التي تلت (بعد 2012) كانت حاسمة لأنه كان علينا اتخاذ القرار المناسب بخصوص مشوارنا في الحياة ، و للأسف اضطررنا إلى الانفصال أنا و إلياس بسبب ظروف خاصة لم تسمح لنا بمواصلة المسيرة الفنية و استثمار المزيد في عالم الراب ، رغم أننا كنّا متحمّسين و نحضّر لألبوم جديد أفضل بكثير في ما يخص علاقتي مع تشيسطا ، بالنسبة إلي إلياس أعتبره أحد أفضل الرابرز في الجزائر ، إنها متعة كبيرة أنني عملت معه ، فهو يمتلك نظرة مختلفة للراب كنت أميل إليها ، الياس إنسان "شعبي" كثيرا و مقرّب من الطبقة الشعبية ، لذلك نصوصه تعكس بشكل دقيق تلك النظرة التي أحبذها في الراب الجزائري ...ربما لأنه كان معجبا كبيرا بفرقة الميم.با.سين و حتى طريقة كتابته قريبة منهم أيضا ، هذا التأثر بالفرقة العاصمية لم يمنعنا من امتلاك هويتنا الخاصة بفضل أسلوب تشيسطا و بصمته المميزة في النهاية أنا راضي عن هذا المشروع الذي لن أنساه أبدا و فخور بكوني شاركت فيه ، و لست نادما عن أي شيء قدّمناه أو عن تجربتنا في الراب الجزائري (أوت 2016) : مختارات Hess Takalid (Feat Caps) Seguem Rohek (Feat MBS & Mooh 4.4) Machi Koulyoum El 3id 04. Fada Vex – Ramz El Mektoub (2010) L'album référence en matière de poésie urbaine في خانة الألبومات الفردية ذات الأبعاد الشخصية ، يتربع ثاني ألبوم لفادا فيكس "رمز المكتوب" على عرش بقية الإصدارات بجدارة ، حيث سعى الفاذر من خلال أغنيته البارزة "راب قصايد" إلى إمداد جسر بين التراث المحلي و الأجنبي ، ليس موسيقيا و آلاتيا فقط (كالاستخدام المكرر لعينات الراي أو الشعبي الشهيرة) ، بل كتابيا كذلك عن طريق صهر الشعر القديم (الملحون) الغني بالمفردات و التعابير العميقة و سكبه في سياق النص المعاصر (الراب) ، غير تقليدي لكن غير تقليد في نفس الوقت ، رهان ناجح انبثق عنه راب محافظ على الهوية و الأصالة ، و عاكس لرغبة التجديد و الحداثة ...لامسناه كذلك في ألبومات قليلة لرابرز عاصميين تأثروا بفن الشعبي لحنًا أكثر منه قولاً ، كما أن الوزن الآخر في الراب الوهراني أزباك كان وراء إدماج لهجة العروبية ببراعة في قالب آخر لا يخلو من الأصالة و التجديد نصًّا و حتى شكلاً (ملبسّا) ، أين حلّت العمامة بدل الدوراق و سيارة الـ 404 عوض المرسيدس... قد يتساءل البعض عن القيمة المضافة لمثل هذه التوجهات و تأثيرها على صورة الموروث من جهة و الدخيل من جهة أخرى ، الإجابة نجدها عند تتبع مسار مختلف الطبوع الموسيقية في العالم ، سواء العربية و الغربية ، و التي لولا مفهوم "الانفتاح" لما تطوّرت و لما نتج عنها تيارات ثانوية أكثر إبداعا و صدًى ...طبعا الانفتاح الإيجابي غير الهدّام لما قبله ، و غير المقلّد لكل ما هو أجنبي ...انفتاح يتلاءم و طبيعة كل مجتمع و بلد "نقولك جامي لا نديرو كيما داروا لوخرين هذه هي النظرية : طاء.واو.كاف.سين" عودة إلى ألبومنا الرابع في هذه القائمة ...ربما تصنيف الألبومات ضمن خاناتٍ هو عملية غير مُحَبَذَة عادة ، خاصة بالنسبة للفنانين أنفسهم ، لكن لو نعود إلى "رمز المكتوب" سنجد أن ما جاء به مقارنة بغيره فريد ، سبّاق و مُحدث في آن واحد ، ما يجعل تصنيف الكلاسيك ينطبق عليه بشدة ، فزيادة على التطور الملحوظ في مستوى الكتابة المنقحة و خلق حركة الراب الملحون ، هناك نضج واضح في اختيار المواضيع المطروحة حيث وظّف فادا فاكس ريشته في أغلب النصوص للتعبير عن الواقع و ليس لمجرد التقرير مثلما هو متداول و شائع ، أعمال مثل "شوف الجرح / قالوا / الثقافة و الفن " و رائعتي الراب القصصي "لوكان عرفت / ما تقولوليش" لا يكتفي فيها الرابر بلعب دور المقرر الصحفي بل يساعد المستمع على تحليل الإطار الوجداني الذي يتجلى من خلاله الواقع ، بتعبير آخر فادا فاكس يلامس القلوب قبل العقول (هذاك لي عندي) ، دون أن يؤثر على التوافق بين الشكل و المضمون ، لأن أمور الهندسة الموسيقية هنا لم تُهمل و أسندت إلى أحد أقدم البيتمايكرز في الجزائر : وان-دار ، لذلك كان العمل الإجمالي متجانسا و متكاملا ، متأرجحا بين المراجع السولية و الشرقية ، و حتى اللمسة الآخيرة التي أمضاها صديق نايلي (نور) لم تخرج عن اللون المسطّر للألبوم ، ما يعكس الاحترافية السائدة في العمل . و لعل تراكم الخبرات و التجارب المختلفة كان لهما الدور الرئيسي في الوصول إلى هذه الدرجة العالية من الإتقان و الجدية ...و حتى اليوم لا يزال مستوى الفاذر يعرف تطورا متواصلا ، فلو أسقطنا رمز المكتوب على منحنى مسيرته الفنية ، فإنه لن يعلُوَ ذروته و لن نجد ذروة أصلا لأن المنحنى تصاعدي دائما و الرجل من القلائل الذين يطورون أنفسهم بالموازاة في ميادين مختلفة و لا يزالون يحتفظون بروح الهيب هوب رغم تعدي عتبة الأربعين في النهاية ، "رمز المكتوب" ليس مجرد ألبوم راسخ مثلما وصفه أول مدون راب بالعربية ، و لا مجرد كلاسيك كما يشيع عند أغلب المتتبعين ، اليوم عامل الزمن أبان لنا على أنه ألبوم "مرجع" حقيقي ، حتى و إن كان مدى تأثيره المباشر و غير المباشر منحصرا عند صاحبه أكثر من غيره (و شقيقه بدرجة أقل) ، إلا أن هذا كافٍ لأن يجعل منه أحد أهم الألبومات في تاريخ الراب الجزائري إلى الأبد : حول رأيه الخاص في هذا الألبوم بعد 6 سنوات من صدوره ، صرّح لنا الشيخ مليك قائلا هذا الألبوم كان وليد الصدفة. التقيتُ بصديق قديم على شبكة الانترنت (وان-دير) العضو السابق في فرقة طالسمان الوهرانية. أسمعني بعض أعماله الموسيقية و انجذبتُ بسرعة بفضل لمسته و جِدّيته. في الحقيقة ، في الفترة الممتدة من 2005 إلى 2009 كنت منغمسا في عالم الصول و و منشغلا بإعادة صقل كتابتي ، و جاءني وان-دير بعينات مجنونة على إيقاعات دقيقة رمز المكتوب ألبوم شخصي أين تحديتُ فيه عملية الكتابة الخاصة بي ، و سلكتُ به مسارا معاكسا لما كان يصدر في الراب الجزائري تلك الفترة. لقد كلفني 4 سنوات من الكتابة و العمل الدائم مع وان-دير هذا الألبوم يشدني كثيرا و هو الذي رسخ إمضائي (أسلوبي) نهائيا . موسيقيا عَكَسَ تفكيري كَـ ام-سي ، و زاوج تماما بين نصوصي و حالتي النفسية آنذاك لكن أظن أن الجمهور لم يستقبله بالشكل الجيد ، و توزيعه كان سيئا من طرف الناشر. في مرحلةٍ أين كان يتوجب على الراب الجزائري أن يُحدث قفزة نوعية موسيقيا و فنيا ، لكنه انغمس في دوامة المطالب المهضومة و المكررة و في صورة كاريكاتورية محزنة . أمور لا تزال تشنج الراب الجزائري حاليا : نقص الإبداع الموسيقي و التفتح الفني (جوان 2016) : مختارات Rap Qsayed Hadak li 3andi Ta9afa wel Fen feat. Banis 03. Rabah Donquishoot – Rabah Président (2004) Rabah Président, ou la bible du rappeur engagé " في الوسط سَيَّاسَة ، في الشرق و الغرب عَرَّاسَة" الحقوق محفوظة (بتصرف) للخلوي على هذا الوصف الكاريكاتوري لعشرية الراب الأولى في الجزائر ، وصفٌ تهكمي لكن كم هو واقعي خصوصا بالنسبة للفرق العاصمية الناشئة على أنقاض 5 أكتوبر ، و التي اختارت موسيقى الراب المتمردة كحل بديل للتأريخ لواحدة من المراحل الأكثر دموية (التسعينات) ، من زاوية معاكسة للإعلام الرسمي (كنال 0) القائم على التجاهل و التضليل ، هذه الفرق تحدَّت الرقابة المباشرة و غير المباشرة و حملت نضالها الفني و قضيتها حتى إلى وراء البحار . على غرار أبناء حسين الداي الذين راحوا ثم "ولّاو" أكثر خبرة و تعطشا بعد تجربة أوروبية قصيرة لكن غنية ، ترجم بعدها عضوهم البارز الدونكيشوت تمرده في سلسلة من الألبومات الفردية ، ثالثها "رابح بريزيديون" كان الأشد لهجة ، صدر سنة 2004 إلى جانب كل من الفاكتور لفادا فاكس و دونجورو للطفي ، و هي السنة التي بدأت تتشكل فيها الهوة بوضوح بين الراب الجزائري و الراب الجزائري الآخر ، و أصبح من السهل التفريق بين كل ما هو راب عقّب عقّب ، و راب أصيل يحترم قواعد الهيب هوب و مبادئه رابح بريزيدون هو في الحقيقة ألبوم مكون من مختارات الألبومين السابقين لرابح (قالولي + جابها قانيون) ، إضافة إلى أعمال جديدة ، لذلك قد نلاحظ غياب الانسجام الكلي و التباين في نوعية و جودة الصوت ، بين الإنتاجات القديمة لياسين ، و الجديدة لمحند و كور/سكالب ، ، لكن هذا ليس موضوعنا و من يبحث عن تكامل و احترافية أكثر فليسمع "آخر عيطة" . أهمية "رابح بريزيدون" تقوم على فكرته الجريئة و مضمونه المحظور ، أين أراد صاحبه نقل تمرده من الأستوديو إلى الميدان ، أي ميدان و كيف ؟ البداية بترويجٍ غير معهود من خلال ندوة صحفية في مجمع الخبر للإعلان عن ترشح شاب عشريني لانتخابات 2004 مسلّح ببرنامج ثري و مُسطّر ضمن ألبوم فني !! خطوة رابح هذه تعكس للأسف مشهد الساحة الأحادي و خلوّه من نخبة ذات صوت مسموع نجت من فكّي الصموت أو المقايضة ، و إلا كيف نفسّر إشهار فنان شاب لورقة "لا" في وجه النظام بطريقة ساخرة ؟ و الأكثر بألبوم يحمل مضمونا لا يعترف بالملاطفة في اتجاه نمو الشعر ؟ لعل ما يميز رابح عن بقية الرابرز الذين اختاروا الخوض في الراب المتمرد ، هو نضجه المبكر و امتلاكه لوعي سياسي يُلم بحقيقة الأحداث و يِؤهله لمعالجتها بإحكام ، قد يكون هذا راجع إلى كثرة الكتب التي طالعها و تأثير مقالات شقيقه الصحفي التي صقلت آراءه منذ البداية . فمثلا في الوقت الذي كانت جل الفرق تكتفي بوصف فضائع الحرب الأهلية ، و البقية تملك نظرة شعبوية و سطحية ، كان رابح الأجرأ بقدرته على التحليل و كتابة نصوص حادة ذات لهجة مباشرة بعيدة عن أسلوب الرمزية و التعميم ، سواء في أغنية "سيدي الرئيس" (على غرار شقيقتها الكبرى "سيدي الرئيس" لمعطوب الوناس) و التي ألفها رابح بفرنسية كاتب ياسين في بداية العهدة الأولى ، إنطلاقا من قناعته الثابتة بأن ابن النظام (الديكتاتوري) لا يمكن إلا أن يخدم هذا النظام ، أو في "كي يبرد الحديد" أين الازدراء بلغ أشده من خلال تجميل مساويء الساسة في قالب ساخر ، رابح لا "يتهم" على طريقة إيميل زولا التقليدية بل يرتدي ثوب محامي الشيطان و "يتملّق" للمسؤولين بأسلوبه الخاص شاكرا إياهم على كل الإنجازات العظيمة المحققة منذ الاستقلال كمن يمتدح تلميذا غبيا على نقاطه المغشوشة. نصوص رابح براغماتية و لا تعرف لغة الخشب و هذا ما نراه في برنامجه الانتخابي المسطّر بالتفصيل في أغنية "الرئيس" و مُلْحَقِهَا "واش راكم" المُلِم بأحوال المجتمع صغيرها و كبيرها . كما أن الأعداء البارزين من أصحاب الّلحَى و النجوم لهم نصيبهم من سهام النقد اللاذعة أيضا في "روبولوت" و "لازم نتقيا هدرة" على التوالي ، دون نسيان "صندوق العجب" و رداءته اللامتناهية . و حتى عندما ينتهي البِيتْ يواصل مخ الهدرة كلامه "بدون حقد" أو ضغينة ، ناظما قصيدة غزل و تحسّر مستخدما أسلوب التجسيد و واضعا الجزائر في صورة الحبيبة الضائعة التي لا تزال تحلم بارتداء ثوب زفافها المُخاط من نسيج الحرية الأبيض... هذا هو رابح و هذه نظرته السياسية ، و عندما يفرغ من توجيه "البومرونغ" في وجه حكومة بوش و يخلو من الـ 99 "مشكل" ، فإنه لا ينسى شباب حومته "لوساندي" الحالم كشباب باقي الحومات بـ"الفيزا و الأورو" . و لا "يماه" مخاطبا إياها بلغة معطوب الأولى ، بصحبة هجيرة في اللازمة و محند في الإنتاج . بذكر هذين العضوين الآخرين لفرقة أم.بي.اس ، لا أحد يستصغر إضافاتاهما الملتزمة التي لا تقل شأنا عمّا قدمه رابح ، فكلنا نذكر الأغنية الفردية للداي ماد "المخرج" إحدى أفضل أغاني الفرقة على الإطلاق ، إلى جانب مقطع هجيرة الناري في مشروع "152 سطر ضد الرقابة" ، دون أن ننسى العضو الأصغر فريد دياز ، صاحب الألبوم الأكثر انتظارا في تاريخ الراب الجزائري رابح بريزيدون ليس مجرد ألبوم متمرد و حسب ، و حتى و إن لم يغير الأوضاع ، فهو يبقى شاهدا على كفاح الدونكيشوت ضد طواحين النظام ، و حاملا العديد من الحقائق التي يجب الإطلاع عليها و معرفتها ، على الأقل أثبت لنا من خلال نصوص قوية عن بُعد رؤياه و مصداقية آراءه في تلك الفترة ، و لم ينتظر 2014 لتتضح الصورة أمامه .و من يدري ، قد نرى لاحقا رابح في غلاف ألبوم جديد ، جالسا على كرسي العرش ، يخوض غمار الانتخابات المقبلة ، بعد أن تعدّى الأربعين...كل شيء ممكن ولا واش قال دادي ؟ بالنسبة إلي هذا الألبوم يبقى مثالا للالتزام الفردي و الفني ، إضافة إلى أنه غني بالمواضيع و النصوص في ما يخص الإنتاجات الموسيقية الداي ماد قام بعمل مميز جدا ، و عموما يبقى هذا الألبوم مرجعا في تاريخ الراب الجزائري ، و يعكس شجاعة نادرة لصاحبه فريد دياز – حول ألبوم صديقه رابح بريزيدون / سبتمبر 2016 : مختارات Lazem Nat9iya Hadra Can*l 0 Ki yebred lehdid 02. Intik – Intik (2000) Intik… ce ne sont pas des paroles en l'air ! هنالك بعض الألبومات تصدر في صمت و لن نعرف قيمتها الحقيقية إلا بعد سنوات. هو حال الألبوم الأول لزملاء ريدزو مع العملاق صوني ميوزيك . أولا أنتيك هي فرقة أندرغراوند رائدة ذات شعـبية متوسطة انحصرت أساسا في العاصمة ، عانت من الرقابة و التضيـيق ، و رغم سنوات العمل الطويلة لم تشهد الاعتراف و لا الاستحقاق اللازمين و وجدت نفسها فجأة في ظل عوّامة أم بي اس و أولاد بهجتها ، لكن كما يُقال الصابر ينال ، جاءت الفرصة من حيث لا يتوقع أحد بدءًا باستدعاء إيموتيب لحضور لوجيك هيب هوب ثم الإمضاء مع صوني لثلاثة ألبومات ، صدر منها إثنان في فرنسا و لاقيا صدًى إيجابيًا و اهتمامًا إعلاميًا ربما هو الأهم إلى يومنا هذا في مسيرة كل الفرق الجزائرية !! لكن في الجانب المقابل ، صدور الألبومين في فرنسا و التوزيع المحدود في الجزائر مَثَّل مشكلة أخرى للجمهور البسيط داخل الوطن الذي لم يجد غير الصحن الهوائي كوسيلة لتتبع الفُتات (3 فيديو كليبات). في حين ، يجب انتظار منتصف الألفين و انتشار الإنترنت حتى يتمكّن الجمهور الواسع من إعادة اكتشاف المشروعين و تقدير المستوى المقدم و لو بعد الانفصال لو نعد إلى سنتي 1999/2000 و نلقي نظرة على إصدارات تلك الفترة ، سنجد أن ألبوم "أنتيك" كان متقدما بسنوات طويلة شكلا و مضمونا ، ليس لأن الوسائل التقنية و الفنية كانت متوفرة و حسب ، بل لأن الفرقة في حد ذاتها كانت تملك عالمها الخاص و إمكانية تفتحها على العديد من الطبوع بفضل إضافة الراقامان يوس . هذا ما أغوى بالدرجة الأولى كاشفي المواهب و المديرين الفنيين من إيموتيب و جيلالي إلى صوني !!! و علاش أنتيك ؟ باسكو ماشي أنتيك في هذا السياق ، لا يمكن الحديث عن أهم ألبومات الراب الجزائري دون ذكر ألبوم "أنتيك" الذي يحمل نفس الاسم للعديد من الأسباب ، فهو ثاني ألبوم (من أصل ثلاثة فقط) يصدر لفرقة راب جزائرية بالتعاقد مع ماجور عالمية (صوني) ، أول ألبوم يمزج بسلاسة و احترافية بين طبوع الراب / الراقا / الفونك / الشعبي باشتراك كوكبة من الموسيقيين و المنتجين العالميين ، تأثيره و مرجعيته يعودان إلى كونه ألبومًا صعب التقليد نظرا لعالم الفرقة المميز و وصفتها الفريدة عكس دوبل كانون مثلاً و ألبومها الرائد "كاميكاز" (دون التقليل منه) حجر الأساس في الراب العنابي و الشرقي و الذي سمعنا منه مئات النسخ بعد ذلك. "أنتيك" بمواضيعه السياسية الغالبة صوّر حقبة حساسة في تاريخ الجزائر ، دون مغالاة أو مباكاة ، فمصداقية الشباب الأربع الذين عايشوا أحداث أكتوبر ملموسة من خلال النصوص ، الهاردكور أو المعتدلة ، كرائعة "روح قول ليماك" ، "مسكين" ، "بومبا" ، أو "كاين و كاين" ، و لو استندنا إلى بعض المصادر فإن هذا الأخير يعتبر من أوائل النصوص المكتوبة في الراب الجزائري ، خصوصا و أنه جاء في قالب استعارة ممتدة (خيال أدبي) ساعد على رسم الوضعية السياسية على مر عشريتين من الزمن بوضوح . هذا إجمالا ، لكن ألم يستفد الألبوم التالي "لافيكتوار" من نفس الإمكانات و الصدى بل و أكثر ؟ أكيد ، لكن المقارنة بين ألبوم هاردكور و آخر رخو نوعا ما تتوقف ، ليس لأن "لافيكتوار" ألبوم مُفرمَط ، هو ليس كذلك تماما ، بل الفرقة كانت واقعية في توجهها الفني الجديد باعتمادها أكثر على الفرنسية نظرا للجمهور المستهدف ، و هو ما أفقدها نوعا من الصرامة و الجدية مقارنة بالألبوم السابق . من جهة أخرى : فرقة أنتيك بدون يوس غَير أنتيك ، و فرقة أنتيك بِحضور مُفرِط ليوس هي غير أنتيك كذلك ، الفرقة لم تكن يومًا متوازنة فنيا إلا عندما يتحقق الحضور الكلي للأعضاء الأربعة مثلما هو الحال في الألبوم "أنتيك" . قبل ذلك ، رضا / سمير / نبيل كانوا يشكلون فرقة متمردة ذات خطاب لاذع ، لكن بأسلوب جاف نوعا ما مثل جماعة الحامة ، حضور يوس هو الذي أَضفى مزيدا من الألوان الموسيقية على طابع الفرقة و أكسبها خاصية متميزة (مثلما فعلت هجيرة مع ام.بي.اس) ، و هذا ما يتضح أكثر في ألبوم "أنتيك" ، و أقل في "لافيكتوار" أين اختل التوازن بشكل ملحوظ و احتل يوس الواجهة طولا و عرضا بعد غياب كلي لنبيل و تراجع ملحوظ لرضا. في حين انسحاب الراقامان سنة 2002 أعاد الفرقة إلى البداية رغم مجهودات الثلاثي المتبقي الذي رمى بكل الأوراق في "من الجانب الآخر" لكي يبرهن على أحقيته حتى بغياب القائد السابق. رهان خاسر ليس موسيقيا فقط (ربما قد نتفهمه بعد التواجد بدون إمكانيات صوني) ، لكن موضوعاتيا كذلك اليوم ، يبدو أن يوس قد قلب صفحة أنتيك و لا يريد الحديث عن تلك المغامرة الفنية ، و هو الذي كان القائد و الرجل الأول بفضل حسه الموسيقي و المهني ، و حتى فرنسيته المتقنة . و لو كان هناك توازن أكثر في الأدوار بين الأعضاء لشهدنا ربما مزيدا من المشاريع أكثر تكاملا من هذا الألبوم الثاني في قائمتنا...روح قول ليماك / أنتيك ماشي غير كلام في الريح كنا فرقة سباقة و رائدة في الهيب هوب الجزائري ، كنا تواقين لتعلم المزيد في عالم الموسيقى ، و اكتسبنا نوعا من الخبرة بفضل ميولنا الفنية المختلفة . و لذلك ألبوم "أنيتك" هو مرآة حقيقية لكل ما عشناه . حبنا لموسيقى الراب و الموسيقى العصرية ساعدنا على تقديم صورة مغايرة لجزائر متفتحة على العالم .عموما ، كانت تجربة مثيرة ، و رغم العراقيل الكثيرة التي صادفتنا إلا أنني استفدت كثيرا من الناحية الإنسانية و الفنية و التقيت بشخصيات رائعة. اليوم ، أعضاء فرقة أنتيك انتقلنا إلى مرحلة جديدة . كل منا يواصل مشواره الخاص ، لكن حب الموسيقى لا يزال حاضرا بقوة (رضا - ريدزو في تصريح لراب جينيوس / أكتوبر 2016 ) : مختارات Kayen ou Kayen Va le dire à ta mère Boumba 01. (يتبع)