Published
0 101 0
الفصل العاشر في أن من طبيعة الملك الانفراد بالمجد و ذلك أن الملك كما قدمناه إنما هو بالعصبية و العصبية متألفة من عصبات كثيرة تكون واحدة منها أقوى من الأخرى كلها فتغلبها و تستولي عليها حتى تصيرها جميعاً في ضمنها و بذلك يكون الاجتماع و الغلب على الناس و الدول و سره أن العصبية العامة للقبيل هي مثل المزاج للمتكون و المزاج إنما يكون عن العناصر و قد تبين في موضعه أن العناصر إذا اجتمعت متكافئةً فلا يقع منها مزاج أصلاً بل لا بد من أن تكون واحدة منها هي الغالبة على الكل حتى تجمعها و تؤلفها و تصيرها عصبيةً واحدةً شاملةً لجميع العصائب و هي موجودة في ضمنها و تلك العصبية الكبرى إنما تكون لقوم أهل بيت و رئاسة فيهم، و لا بد من أن يكون واحد منهم رئيساً لهم غالباً عليهم فيتعين رئيساً للعصابات كلها لغلب منبته لجميعها و إذا تعين له ذلك فمن الطبيعة الحيوانية خلق الكبر و الأنفة فيأنف حينئذ من المساهمة و المشاركة في استتباعهم و التحكم فيهم و يجئ خلق التأله الذي في طباع البشر مع ما تقتضيه السياسة من انفراد الحاكم لفساد الكل باختلاف الحكام” لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا” فتجدع حينئذ أنوف العصبيات و تفلح شكائمهم عن أن يسموا إلى مشاركته في التحكم و تقرع عصبيتهم عن ذلك و ينفرد به ما استطاع حتى لا يترك لأحد منهم في الأمر لا ناقة و لا جملاً فينفرد بذلك المجد بكليته و يدفعهم عن مساهمته و قد يتم ذلك للأول من ملوك الدولة و قد لا يتم إلا للثاني و الثالث على قدر ممانعة العصبيات و قوتها إلا أنه أمر لابد منه في الدول سنة الله التي قد خلت في عباده و الله تعالى أعلم.