الفصل الثاني عشر في أن من طبيعة الملك الدعة و السكون : و ذلك أن الأمة لا يحصل لها الملك إلا بالمطالبة و المطالبة غايتها الغلب و الملك و إذا حصلت الغاية انقضى السعي إليها قال الشاعر
"عجبت لسعي الدهر بيني و بينها ///// فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر "
فإذا حصل الملك أقصروا عن المتاعب التي كانوا يتكلفونها في طلبه و آثروا الراحة و السكون و الدعة و رجعوا إلى تحصيل ثمرات الملك من المباني و المساكن و الملابس فيبنون القصور و يجرون المياه و يغرسون الرياض و يستمتعون بأحوال الدنيا و يؤثرون الراحة على المتاعب و يتأنقون في أحوال الملابس و المطاعم و الآنية و الفرش ما استطاعوا و يألفون ذلك و ويورثونه من بعدهم من أجيالهم و لا يزال ذلك يتزايد فيهم إلى أن يتأذن الله بأمره و هو خير الحاكمين و الله تعالى أعلم.