الفصل الحادي عشر في أن خلق التجار نازلة عن خلق الأشراف و الملوك و ذلك أن التجار في غالب أحوالهم إنما يعانون البيع و الشراء و لا بد فيه من المكايسة ضرورة فإن اقتصر عليها اقتصرت به على خلقها و هي أعني خلق المكايسة بعيدة عن المرؤة التي تتخلق بها الملوك و الأشراف. و أما إن استرذل خلقه بما يتبع ذلك في أهل الطبقة السفلى منهم من المماحكة و الغش و الخلابة و تعاهد الأيمان الكاذبة على الأثمان رداً و قبولاً فأجدر بذلك الخلق أن يكون في غاية المذلة لما هو معروف. و لذلك تجد أهل الرئاسة يتحامون الاحتراف بهذه الحرفة لأجل ما يكسب من هذا الخلق. و قد يوجد منهم من يسلم من هذا الخلق و يتحاماه لشرف نفسه و كرم جلاله إلا أنه في النادر بين الوجود و الله يهدي من يشاء بفضله و كرمه و هو رب الأولين و الآخرين.